بقلم المهندس/ طارق بدراوى
يقع مسجد قجماس الإسحاقى ويطلق عليه أيضا مسجد أبو حريبة يقع بحى الدرب الأحمر قرب باب زويلة بالقاهرة خلف مديرية أمن القاهرة ويتبع منطقة آثار جنوب القاهرة وهو الحي الذى يعد من أقدم مناطق القاهرة التاريخية حيث يضم 65 أثرا إسلاميا منها مساجد ومنها قباب وأضرحة ومنها أسبلة وكتاتيب ومنها وكالات وتكايا ومنها مدارس ومنها منازل أثرية مبنية علي الطراز الإسلامي فضلا عن إحتوائه على الجامع الأزهر وقد أنشأه عام 885 هجرية الموافق عام 1481م الأمير سيف الدين قجماس الإسحاقي أحد أمراء المماليك الجراكسة في عهد السلطان الأشرف قايتباى وهو أحد المساجد الهامة التي أنشئت في عصر هذا السلطان وتنحصر أهميته في دقة الصناعات المختلفة الموجودة به فأعمال النجارة الدقيقة وأعمال الرخام وتنوع تقاسيمه وتناسب ألوانه وأعمال الحجر ودقة الحفر فيه والأسقف الخشبية الجميلة وبراعة نقشها وتذهيبها جميعا ناطقة بما وصلت إليه هذه الصناعات من مكانة رفيعة في هذه الحقبة من الزمن وجدير بالذكر أن هذا المسجد هو المسجد الذى توجد صورته علي ورقة البنكنوت المصرى فئة 50 جنيه وكان الأمير قجماس الإسحاقي في الأصل مملوكا للسلطان جقمق عندما كان نائبا للشام قبل أن يتولى السلطنة ثم تقلب في عدة وظائف كبيرة في النصف الثاني من القرن التاسع الهجري الموافق للقرن الخامس عشر الميلادي وفي سلطنة الظاهر خوشقدم مابين عام 1461م وعام 1467م تم تعيينه خازندارا وهو الذي يشرف على خزائن السلطان ثم رقى إلى أمير عشرة في أيام السلطان بلباى عام 1467م وفي عهد السلطان قايتباى مابين عام 1468م وحتي عام 1496م أصبح من المقربين له وعينه نائب للسلطان في الإسكندرية عام 1470م وفي هذه الفترة أشرف على بناء قلعة قايتباى بالإسكندرية وفي عام 1475م عينه السلطان قايتباى أمير آخور كبير أى المشرف على إصطبلات السلطان وفي عام 1480م عينه السلطان نائب له بالشام وقد وصي ببناء مسجده موضوع هذا البحث قبل رحيله إلي هناك وظل بها إلى أن توفى هناك عام 892 هجرية الموافق عام 1487م ودفن بالشام ولم يدفن بمقبرته التي أعدها لنفسه بمسجده بالقاهرة ودفن بها بعد ذلك أحد أولياء الله الصالحين وهو الشيخ أحمد الشنتناوى الشهير بإسم أبـو حريبة المتوفي عام 1268 هجرية الموافق عام 1852م ولذا فقد إشتهر المسجد لدى عامة الناس بإسم مسجد أبو حريبة نسبة إلى هذا الشيخ .
وقد بنى هذا المسجد مرتفعا عن مستوى الطريق وشغل الجزء السفلى من واجهاته بدكاكين ويتم الوصول إلى المدخل ببضع درجات وهو حافل بالرخام الملون الجميل على يمينه ويساره طراز مكتوب به آية قرآنية وتاريخ الفراغ عام 886 هجرية وله باب مكسو بالنحاس المزخرف بأشكال هندسية وتخطيط هذا المسجد هو تخطيط المدارس الذي يتألف من صحن أوسط مكشوف تحيط به أربعة إيوانات الإيوانان الشرقي وهو إيوان القبلة والغربي المقابل له كبيران والجنوبي والشمالي صغيران وإيوان القبلة كسيت جدرانه بوزرة من الرخام إرتفاعها خمسة أمتار ويتوسطه محراب يتميز بزخارفه المكونة من أشرطه ملونة من الرخام وكتابة قرآنية بالخط الكوفي المزهر وقد سجل الصانع إسمه بتجويف المحراب بعبارة عمل عبد القادر النقاش وبجوار المحراب منبر نادر من الخشب المطعم بالعاج وبإيوان القبله باب يؤدى إلى قبة شاهقة مبنية بالآجر ويوجد تحتها الضريح وعلى يمين المدخل الرئيسي للمسجد مئذنة تتألف من ثلاث دورات الأولى مثمنة والثانية أسطوانية والعلوية مكونة من أعمدة رخامية تحمل الخوذة وإلى يسار الصاعد إلى المدخل يقوم السبيل الذي يعلوه كتاب وقد ذكر علي مبارك إن المسجد مرتفع عن الأرض وبه أربعة ايوانات ومنبر ودكة وميضاة وله مئذنة عالية ومدفون به الشيخ أبو حريبة تحت قبة شاهقة وشعائره مقامة من أوقافه بنظر الشيخ محمد هاني والمسجد مرتفع عن مستوى الشارع وتحت واجهاته الأربع حوانيت وهو غني بشتى الفنون الزخرفية والمعمارية أما القبة التي تعلو الضريح الواقع خلف المدخل فبسيطة المظهر من الخارج على عكس مثيلاتها المنشأة في هذا العصر .